responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 326
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ) أَيْ من هَذِهِ الشَّدَائِدِ وَالْأَهْوَالِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ. (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) أَيْ مِنَ الْعَامِلِينَ بِطَاعَتِكَ عَلَى نِعْمَةِ الْخَلَاصِ. (فَلَمَّا أَنْجاهُمْ) أَيْ خلصهم وأنقذ هم. (إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) أَيْ يَعْمَلُونَ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ وَبِالْمَعَاصِي. وَالْبَغْيُ: الْفَسَادُ وَالشِّرْكُ، مِنْ بَغَى الْجُرْحُ إِذَا فَسَدَ، وَأَصْلُهُ الطَّلَبُ، أَيْ يَطْلُبُونَ الِاسْتِعْلَاءَ بِالْفَسَادِ. (بِغَيْرِ الْحَقِّ) أَيْ بِالتَّكْذِيبِ، وَمِنْهُ بَغَتِ الْمَرْأَةُ طَلَبَتْ غَيْرَ زَوْجِهَا. قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) أَيْ وَبَالُهُ عَائِدٌ عَلَيْكُمْ، وَتَمَّ الْكَلَامُ، ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ:" مَتاعَ [1] الْحَياةِ الدُّنْيا" أَيْ هُوَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَلَا بَقَاءَ لَهُ. قَالَ النَّحَّاسُ: بَغْيُكُمْ" رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ" مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا". وَ" عَلى أَنْفُسِكُمْ" مَفْعُولُ مَعْنَى فِعْلِ الْبَغْيِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرُهُ" عَلى أَنْفُسِكُمْ" وَتُضْمِرُ مُبْتَدَأً، أَيْ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، أَوْ هُوَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَبَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ حَرْفٌ [2] لَطِيفٌ، إِذَا رَفَعْتَ مَتَاعًا عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ" بَغْيُكُمْ" فَالْمَعْنَى إِنَّمَا بَغْيُ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، مِثْلُ:" فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ" [النور: 61] وكذا" لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ" [التوبة: 128]. وَإِذَا كَانَ الْخَبَرُ" عَلى أَنْفُسِكُمْ" فَالْمَعْنَى إِنَّمَا فَسَادُكُمْ رَاجِعٌ عَلَيْكُمْ، مِثْلُ" وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها". وَرُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ قَالَ: أَرَادَ أَنَّ الْبَغْيَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، أَيْ عُقُوبَتُهُ تُعَجَّلُ لِصَاحِبِهِ فِي الدُّنْيَا، كَمَا يُقَالُ: الْبَغْيُ مَصْرَعَةٌ. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ" مَتَاعَ" بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ، أَيْ تَتَمَتَّعُونَ مَتَاعَ الحياة الدنيا. أو ينزع الْخَافِضِ، أَيْ لِمَتَاعِ، أَوْ مَصْدَرٌ، بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ عَلَى الْحَالِ، أَيْ مُتَمَتِّعِينَ. أَوْ هُوَ نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِ، أَيْ فِي مَتَاعِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَمُتَعَلِّقُ الظَّرْفِ وَالْجَارِّ وَالْحَالِ مَعْنَى الْفِعْلِ فِي الْبَغْيِ. وَ" عَلى أَنْفُسِكُمْ" مَفْعُولُ ذَلِكَ الْمَعْنَى.

[سورة يونس (10): آية 24]
إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)

[1] قراءة الجمهور الضم والفتح قراءة حفص وبعض.
[2] حرف: كذا في الأصول أي ميل قليل أو تغيير قليل.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 8  صفحه : 326
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست